الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية عثمان بطيخ مفتي الدولة التونسية يتحدث عن الإسلام الزيتوني وعـن صـــوت الـمـرأة والزواج العـرفي والإفطــار فــــي رمضــــــان

نشر في  26 جوان 2018  (11:41)

ما يقعد في الواد كان حجرو

للمـــرأة مكانة كبرى في الإســلام

بعض وسائل الإعلام ساهمت في انتـشــار نزعة التطرف

لـــكــل شخــص الحــق فـــي الاجتهاد فــي الدين لكن بشروط

في لقاء جمعه مع مجلة «أخبار الجمهورية» أكّد مفتي الجمهورية عثمان بطيخ أنه يتبنى منهج الوسطية والاعتدال في أفكاره ورؤاه المتعلقة بالدين الإسلامي إذ لا إفراط ولا تفريط وفق تعبيره، كما تحدّث المفتي عن أسباب انتشار أفكار التشدد والتعصب في عقول بعض الشباب مشددا على إنّ بلادنا في طريقها نحو التخلص من كل هذه المظاهر الدخيلة عن مجتمعنا قائلا «ما يقعد في الوادي كان حجرو» وسوى فكرها الزيتوني السمح المنفتح..
مفتي الجمهورية تحدّث أيضا عن العديد من المواضيع الأخرى المتمحورة خاصة حول المسألة الدينية، فأفصح لنا عن موقفه من تصريح الفنانة زينة القصرينية حول صوت المرأة  فضلا عن موقفه من الزواج العرفي ومن فتح المطاعم والمقاهي في شهر رمضان...

- في البداية، لقد تعرضتم بسبب بعض التصريحات إلى العديد من الانتقادات وصلت إلى حد توصيفكم بمفتي البلاط والسلطة فماهو ردكم؟
إنّ حرية التعبير باتت واقعا في بلادنا وحقا يكفله الدستور والقانون لكل مواطن تونسي، وبناء على هذا فلا أحد يستطيع منع غيره عن إبداء آرائه أو مواقفه بكل حرية لكن دون تعصّب أو كراهية. وأنا من واجبي الاستماع لكل الآراء لكن دون الدخول في جدال أو مهاترات تكون مضيعة للوقت.
- بينما ينتظر منكم المتشددون فتاوى أكثر تعصبا، ينتظر منكم المعتدلون دينيا فتاوى أكثر تسامحا، فأين تتموقعون انتم؟
خير الأمور أوسطها والإسلام دين ينبذ التشدد والتعصب وينبني على قيم التسامح والاعتدال وينبذ كل أشكال التطرف وهو ما نتبناه وننتهجه، وموقعنا هو الوسطية دون إفراط ولا تفريط فلست مع التشدد والتطرف الديني ولا مع التشدد والتطرف اللاديني.
- في كلمات ماهو وصفكم للإسلام الزيتوني الذي يتعارض مع المذاهب التي تعتمدها بعض الدول الإسلامية؟
لا شك في أنّ الإسلام الزيتوني يؤمن بجميع الديانات وينبني على التسامح والاعتدال ويؤمن بالعدل والحرية وهي كلها قيم ومبادئ موجودة في دين الإسلام وتتناقض عمّا يدعو إليه المتشددون والمتطرّفون من قتل وترهيب وتكفير، وهنا أجدّد التأكيد على أننا دائما مع الأمور الوسطية فلا إفراط ولا تفريط... ذلك هو ديننا وما جاءت به الآيات القرآنية وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم سواء مع المسلمين أو غيرهم.
- كثر بعد الثورة الدعاة والمنتسبون إلى الدين فبتنا نراهم يفتون ويحللون ويحرمون كما يشاؤون ويرغبون، فماهو موقفكم من هذه الظاهرة؟
للأسف لقد فتحت الأبواب على مصراعيها في فترة من الفترات أمام هؤلاء لكن الحمد لله تصدى لهم الشعب التونسي، وشخصيا كنت قد أبديت موقفي الرافض لقدوم الدعاة المتشددين لبلادنا ـ من بينهم وجدي غنيم ـ تجنبا لإثارة الفتنة في مجتمعنا ونشر مفاهيم التطرف بين أبنائنا.
وكما يقولون «ما يقعد في الواد كان حجرو»، فعلا لم يبق في بلادنا سوى علمائها ومبادئها وأخلاقها وفكرها الزيتوني المعتدل، فتونس تجمع وتحتضن كل أبنائها الذين تربط فيما بينهم قيم المواطنة والأخوة والسلام والأمن والمعروفين بنبذ كل فكر متشدد وبتسامحهم الكبير مع جميع الأديان والمذاهب.
- إذن ماهي أسباب ظهور نزعة التطرف والتعصب لدى بعض التونسيين؟
إنّ عدم التشبع الكافي بالدين الإسلامي وبالرسالة التي جاء من أجلها والتي تأمر بالعدل وتنهى عن الظلم وتُرسي دعائم السلام في الأرض وتدعو إلى التعايش في جو من الإخاء والتسامح بين كل الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم، ساهم في ظهور تلك النزعة.
كما أنّ بعض وسائل الإعلام التونسية ساهمت في ذلك عن طريق فتح المنابر لاستضافة وجوه أدلت بتصريحات هدفت لنشر فكر التطرف والتعصب.
- وحسب رأيكم ماهي حدود الاجتهاد في الدين الإسلامي؟
لكل شخص الحق في الاجتهاد وإبداء رأيه في الدين الإسلامي لكن بشرط أن يكون صاحب علم ومعرفة واختصاص ودراسة في علوم الفقه حتى يتمكن من فهم معنى المقاصد، أمّا من لم يستوفي القواعد والضوابط للاجتهاد له الحق في طرح الأسئلة وعرض أفكاره أمام المختصين في هذا الأمر حتى يجد الإجابة الشافية.
- وما رأيك في اجتهاد المفكرين أمثال محمد الطالبي ويوسف الصديق ومحمد الشرفي وعبد المجيد الشرفي؟
أنا احترم هؤلاء المفكرين والفلاسفة لأنهم لا يتكلمون من فراغ، حيث أنهم درسوا القرآن وفهموه من ناحية اللغة العربية ومن الناحية التاريخية. كما أنه لا يجوز نعت المفكر بالكافر لأنه يخالفني الرأي وهكذا كان المسلمون في بداياتهم منفتحين ومتسامحين كل يبدي رأيه دون تكفير أو ترهيب.
- على ذكر السياسة هل يمكن للسياسي إن يتحول إلى مفتي في الدين؟
ولم لا إن كان اختصاصه ودراسته العلمية في الشأن الديني؟ لكن لا يجب أن يتحول هذا الأمر إلى سبب للاختلاف والصدام بينه وبين غيره.
- وماهو موقفكم من دعوة بعض الأطراف إلى إباحة سفك دماء كل من يخالفهم الرأي؟
إنّه لعين التطرف والغلوّ في الإرهاب سواء كان قولا أو فعلا وهو من شأنه تحطيم المجتمع وتفكيك بنيانه فتنهار بذلك قيم حرية الفكر والتعبير وتتحول من نعمة إلى نقمة إن كانت بهذه الطريقة.
إنّ الإسلام  قد انبنى على الترغيب لا على الترهيب ولا احد له الحق في أن يكفر غيره فالله وحده يهدي من يشاء كقوله تعالى في سورة النحل «ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون».
ما يفصل بيننا هو العقل والنقاش وحرية التعبير والجدال الفكري وفي النهاية فإنّ الله وحده من سيحاسبنا في يوم القيامة ولسنا من سنحاسب بعضنا البعض، والإسلام هو أن احترمك وتحترمني مهما اختلفت أفكارنا.
- وما موقفكم مما صرّحت به الفنانة زينة القصرينة بأنها تخشى الله من عملها لأن صوت المرأة "عورة"  وما أثاره من جدل وانتقادات؟
لا شكّ في أنّ تصريح الفنانة زينة القصرينية جاء بحكم ثقافتها البسيطة بالإسلام، لكن الأكيد أنّ المتأمّل في نصوص الكتاب والسنة يجدها تدل كلّها على أن صوت المرأة ليس بعورة، فمن ذلك قوله تعالى يخاطب نساء  النبي صلى الله عليه وسلم: "فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً" وهو ما يدل بأنّ قول المرأة أي صوتها ليس بعورة.
كما أن الأدلة على ذلك أيضا في السنة كثيرة ومن بينها أّن النساء اللاتي كنّ يأتين إلى الرسول يخاطبنه بحضور الرجال ولا ينهاهن، كما أنّه في عهده وفي عهد سيدنا عمر كان للمرأة مكانتها ومنزلتها فكانت تجادل بين الرجال والصحابة.
في المقابل إنّ صوت المرأة ليس عورة بل ما يلفظ من كلمات من ذلك الصوت سواء كان نسائيا أو رجاليا يكون عورة إن احتوى على كلمات نابية وغير لائقة.
- بينت العديد من الإحصائيات ارتفاع نسب الزواج العرفي في تونس خاصة في صفوف الطلبة، فماهو رأيكم في هذا الموضوع؟
الزواج الذي لا يتوفر على أركان وشروط عقد الزواج القانوني لن يصح،  والعرف كان في السابق موجودا وبالأخص في المناطق الريفية التي ليس بها تعليم حيث كان الناس يتزوجون بحفلة وإشهار لكن دون وثيقة رسمية لكن اليوم الزمن اختلف فلنا قوانين لا يجب مخالفتها أو التغاضي عنها.
- في شهر رمضان، يمارس البعض نوعا من الرقابة على بعض المفطرين في حين يدعو البعض إلى تكفيرهم فماذا تقولون لهؤلاء؟
هم ليسوا بكفار ولا يجوز نعتهم بهذا، لكنهم عصوا الله في عدم الالتزام بالصوم الذي يعدّ ركنا من أركان الإسلام ومن عصا الله فالأمر بينه وبين خالقه.
إن الإسلام هو دين الحرية المسؤولة والوسطية ودين العدل، ولا يدعو إلى الاعتداء على الغير لكن يجب احترام شعور الصائمين و«إن عصيتم فاستتروا».
- وماهو رأيكم بشأن مسالة فتح المطاعم والمقاهي في هذا الشهر الكريم؟
لا يمكن التغاضي عن الجانب السياحي في هذه المسألة كما أن من بيننا أشخاصا يمنعهم المرض من الصوم لذلك يجب أخذهم بعين الاعتبار.

حاورته : منارة تليجاني